كثيرا ما يجد المرء نفسه فى مواجهة سلوك لفظى أو عملى يثبر غضبه؛ أو يمس معتقداته أو ثوابته. ومن الاستجابات الشائعة فى مثل ذلك الموقف أن يندفع المرء إلى مهاجمة صاحب ذلك السلوك بهدف دفعه للإقلاع عن سلوكه. قد يسخر منه, قد ينبش فى ماضيه كاشفا عوراته القديمة مهددا إياه بكشف المزيد مما يبرز شذوذه إنسانيا أو وطنيا أو عقائديا.
وتعلمنا خبرات التاريخ أنه ما من مواجهة غاضبة عالية النبرة من هذا النوع يمكن أن تصل إلى نهاية ناجعة حقا؛ فالجروح والندوب العميقة التى تخلفها تظل متابعة قراءة خطورة التسامح المتعالى →
أصبحت عبارة «العلاقة بالآخر» تتصدر خطاباتنا اليومية بكثافة غير مسبوقة، مصحوبة بتلك الدعوة المتكررة لتعديل خطابنا الدينى الإسلامى والمسيحى ليصبح أكثر تسامحا وتقبلا للآخر؛ وتعديل خطابنا الفكرى والسياسى لنصبح أكثر تقبلا للخطابات المخالفة لتوجهاتنا. وغنى عن البيان أن أحدا لا تغيب عنه تلك التفرقة الضرورية الواجبة بين «الخطاب الديني» و«العقيدة الدينية»؛ ومن ثم فلا مجال لدعوة لتعديل العقائد و لا حتى لحوار بين العقائد والأديان؛ فتعبيرات مثل «الحوار» و«الخطاب» لا تخرج عن كونها أنماطا من السلوك البشرى أو التفاعل بين البشر و من ثم فإنها قابلة للتعديل والتطوير والتغيير بما يوافق الزمان والمكان والمصالح، دون مساس بالعقائد التى تتصف بالثبات المطلق عند معتنقيها، والتى لا تفصح عن نفسها إلا من خلال متابعة قراءة تفعيل القانون ضمان للتسامح والاستقرار →
أستاذ علم النفس السياسي – كلية الآداب – جامعة عين شمس