لقد ظل تجميع البشر تحت قيادة مركزية تستند إلى مرجعية فكرية واحدة حلما يداعب الفكر الإنسانى منذ بداية التاريخ و لم يكف البشر عن محاولة تجسيد هذا الحلم حتى يومنا هذا سعيا لخلق عالم مثالى نموذجى ينعم البشر فى ظله إذا ما تحقق بأقصى قدر من الرفاهة و السعادة، بل ويتحدثون لغة واحدة.
الإسقاط مفهوم نفسى قدمه فرويد، ويعد أحد المفاهيم المحورية فى نظرية التحليل النفسي، وهو آلية دفاعية لاشعورية يلجأ إليها الفرد تخفيفاً من وطأة القلق الناتج عن مخاوف وشهوات وعدوانات غير مشروعة أو مقبولة من المجتمع أو من الأنا الأعلى،
وفى حقيقة الأمر فإن مثيرات القلق تتخطى تلك الحدود لتشمل «الغموض» مصدر لإثارة القلق. ويتفاوت البشر فى درجة تحملهم للغموض بمعنى الاستمرار فى إدراك الموقف الغامض باعتباره غامضا عصيا على التفسير؛ ولا ينفى ذلك التفاوت حقيقة أن الموقف الغامض مثير لقلق لا سبيل للتخلص منه أو التخفيف من وطأته إلا بالتقاط أواصطناع تفسير يزيل القلق أو يخفف منه حتى وإن كان مجافيا للحقيقة، بل وحتى إن كان مثيرا للخوف؛ فالخوف من خطر معلوم يقل كثيرا عن خوف المجهول. متابعة قراءة الغموض المدمر→
تتوالى علينا هذه الأيام أنباء ما أطلق عليه فتنة قرية «الكرم» بمحافظة المنيا، والتى ترجع إلى انتشار شائعة بوجود علاقة بين شاب مسيحى وسيدة مسلمة،
ولسنا بصدد الخوض فى تفاصيل ما حدث فالأمر فيما نعلم بين يدى جهات التحقيق. ما يؤلمنى بل ويستفزنى بشكل شخصي، أن ما جرى كان متوقعا. توقعته وسجلت ذلك صراحة فى مقال بتاريخ 10 مارس 2016 بعنوان «أضواء حمراء من بنى مزار إلى محاكمة الأفكار» أشرت فيه من موقع التخصص فى علم النفس السياسى إلى أننا مكلفون علميا ووطنيا بإطلاق الضوء الأحمر محذرين من المخاطر حتى إذا لم تكن قد تفاقمت بعد. متابعة قراءة الأضواء الحمراء من المنيا… عود على بدء→
خلال متابعتى لما يجرى على أرض سيناء أخيرا من مواجهات عسكرية عنيفة مع الجماعات الإرهابية؛ وما اقتضته تلك المواجهات من تدفق القوات المصرية العسكرية إلى سيناء؛ استعدت واقعة جرت منذ ما يقرب من عشرين عاما، فى 25 مارس 1997 شاركت ضمن مجموعة صغيرة تضم ثمانية من الأكاديميين والعسكريين من المتخصصين فى شئون الأمن القومي؛ فى جلسة مغلقة دعتنا إليها أكاديمية ناصر العسكرية لمناقشة مستقبل اتفاقيات السلام. كان السؤال الجوهرى المطروح هو : ما هى الظروف التى يمكن أن تؤدى إلى انهيار اتفاقيات السلام بين مصر وإسرائيل متابعة قراءة دروس من خبرة التفاوض→
اتصل بى الصديق الدكتور إيمان يحيى ليستأذننى فى استضافة الصحفية الروائية العراقية إنعام كجه جى التى تعد فيلما تسجيليا عن الصديق الراحل محجوب عمر. وبالفعل شرفت باستقبالهما بمنزلى فى أواخر أكتوبر 2015. واكتشفت أن تعرفها على محجوب كان من خلال قراءتها لمقال متميز كتبه عنه الدكتور إيمان يحيى الذى عرف محجوب عن قرب خلال حقبة وجود منظمة التحرير الفلسطينية فى لبنان. وتلقيت مؤخرا دعوة لمشاهدة الفيلم فى قاعة مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامى بالقاهرة فى السابعة من مساء السبت 14 مايو 2016. وهى المرة الأولى التى أتعرف فيها على ذلك المركز، وتوقعت أن يكون الحضور عددا قليلا ممن بقى من أصدقاء محجوب؛ فقد كان اليوم قائظ الحرارة فضلا عن عزوف الكثيرين عن مشاهدة مثل هذا النوع من الأفلام التسجيلية؛ وفوجئت باكتظاظ القاعة بالمشاهدين وكثير منهم من الشابات والشبان. متابعة قراءة ليلة مع خدام اللطافة→
مازلت أرى فى بلادنا نخبة مستنيرة تسعى مخلصة نحو مستقبل أفضل؛ حالمة بتنوير وفقا لنموذج أوروبى كان بمثابة الرافعة للتقدم؛ وتدفعها تخوفاتها من هاجس الدولة الدينية إلى التشكك والنفور من استدعاء التأويلات الدينية الوسطية الأقرب إلى المزاج الشعبى الجماهيرى المصري؛ ولعلها بذلك تتجاهل أن أفكار جاليليو التى حاربتها الكنيسة الكاثوليكية فى البداية لم تستقر فى وجدان الجماهير الأوروبية لتصنع تقدمها إلا بعد قبول الكنيسة لقاعدة تأويل النص الدينى التى وضع أساسها ابن رشد. متابعة قراءة التنوير بالنكهة المصرية→
أصبحت عبارة «العلاقة بالآخر» تتصدر خطاباتنا اليومية بكثافة غير مسبوقة، مصحوبة بتلك الدعوة المتكررة لتعديل خطابنا الدينى الإسلامى والمسيحى ليصبح أكثر تسامحا وتقبلا للآخر؛ وتعديل خطابنا الفكرى والسياسى لنصبح أكثر تقبلا للخطابات المخالفة لتوجهاتنا. وغنى عن البيان أن أحدا لا تغيب عنه تلك التفرقة الضرورية الواجبة بين «الخطاب الديني» و«العقيدة الدينية»؛ ومن ثم فلا مجال لدعوة لتعديل العقائد و لا حتى لحوار بين العقائد والأديان؛ فتعبيرات مثل «الحوار» و«الخطاب» لا تخرج عن كونها أنماطا من السلوك البشرى أو التفاعل بين البشر و من ثم فإنها قابلة للتعديل والتطوير والتغيير بما يوافق الزمان والمكان والمصالح، دون مساس بالعقائد التى تتصف بالثبات المطلق عند معتنقيها، والتى لا تفصح عن نفسها إلا من خلال متابعة قراءة تفعيل القانون ضمان للتسامح والاستقرار→
الازدراء أمر كريه؛ فلا أحد يحب أن يتعرض لازدراء أو سخرية؛ وللفرد أن يستشيط غضبا وأن يرد بعنف على ما يعتبره ازدراء أو سخرية؛ فإذا أتيح لشخص أن يعرف ما أعتبره شخصيا تعبيرا عن ازدرائى والسخرية مني؛ فقد امتلك مفتاحا مهما يمكنه من التنبؤ بردود أفعالى ومن ثم تحريكى فى الاتجاه الذى يريده وفى التوقيت الذى يحدده. يكفيه أن يوجه لى نظرة أو عبارة أو إشارة أو حتى ابتسامة يعرف أننى أعتبرها ازدراء وسخرية لأنفجر غاضبا مدمرا ما أمامى دون اعتبار لمصلحة، أو مراعاة لظروف.
مقدمة أثناء محاكمات نوفمبر الشهيرة التي أدارها الحلفاء لمحاكمة القيادات النازية بعد الحرب العالمية الثانية، انفجر “هملر” ـ نائب أدولف هتلر ـ بموجة من الضحك عند عرض خطاب زعيمه في ميونيخ قبيل اندلاع الحرب حيث تناول “هتلر” زعماء العالم بتعابير مغرقة في الشعبية وقدم عرضاً هزلياً مميزاً سخر فيه من رؤساء فرنسا وانكلترا والولايات المتحدة. والواقع هو أن استخدام التعابير المفرطة في شعبيتها والخارجة عن المألوف في لغة التخاطب هي من الصفات الملازمة للقائد الشعبوي والديماجوجي.
كثيرا ما نشاهد فى الأفلام تدريبا للجنود على دقة التصويب؛ حيث توضع أمامهم لوحة تنشين يعتبرونها هدفا يصوبون عليه طلقاتهم، ولكن المدرب والجنود يعلمون أنه هدف مصطنع؛ ولذلك يبذل المدربون جهدا كبيرا لإثارة حماس المتدربين ودفعهم لتخيل أنهم حيال عدو حقيقى يصوبون عليه طلقاتهم؛ وقد ترتفع صرخاتهم مهللين عندما تصيب طلقاتهم ذلك العدو الوهمي.
ويفيض تراث علم النفس السياسى بالعديد من آليات الحرب النفسية، وتصل تلك الآليات إلى حد اصطناع هدف وهمى يجتذب الانتباه بعيدا عن الهدف أو العدو الحقيقي متابعة قراءة أهمية التصويب على الهدف الصحيح→
أستاذ علم النفس السياسي – كلية الآداب – جامعة عين شمس