تخصص العديد من قنواتنا الإعلامية قدرا محسوبا من بثها المكتوب والمسموع والمرئى لإدانة مستحقة للإرهاب والإرهابيين؛ والدعوة إلى القضاء عليه وعليهم؛
ثم تخصص قدرا أكبر -خاصة فيما يعرف بالبرامج الحوارية- لإدانة واجبة للفساد والمطالبة بتصد حاسم للفاسدين؛ وتضيف إلى ذلك تسليط الضوء على وقائع خلل الأداء الحكومى وما يترتب عليه من تدهور الأحوال المعيشية للمواطنين واتساع رقعة الفقراء والمظلومين.
يتميز العنف السياسى كما سبق أن أشرنا بخاصية أنه عنف رمزى بمعنى أنه حين يستهدف أفرادا فإنه يستهدفهم باعتبارهم رموزا؛ ولتلك الخاصية عدة نتائج:
(ا) مادام العنف السياسى موجها أساسًا إلى الفرد بصفته الرمزيّة، أى باعتباره ممثلا لجماعة ، فإن انتفاء هذه الصفة يخفف من درجة العنف الموجه إليه ، وإن لم يكن يعنى بالضرورة انتهاء التهديد تمامًا. ففى بعض الأحيان يوجه العنف إلى رموز بعد أن فقدت مواقعها، وانتفت بالتالى صفتها التمثيلية ، بحيث يبدو الأمر للوهلة الأولى كما لو كان انتقامًا شخصيًا فحسب. ولكن نظرة متعمقة قد توضح أن الأمر ليس كذلك على الإطلاق. فالعنف فى هذه الحالة أيضًا إنما يكون بمثابة رسالة إلى الآخرين مؤداها متابعة قراءة سمات ممارس العنف السياسى→
للعنف تصنيفات تفوق الحصر، وهى تتوقف فى النهاية على الهدف العملى للقائم بالتصنيف، وعلى التعريف الإجرائى الذى يلتزم به.
ولعل تعبير «التعريف الإجرائي» الذى تكاد تنفرد به العلوم الإنسانية يجسد مشكلة ارتباط تعريف الظاهرة موضع البحث بهوية وأهداف القائم بالتعريف.
ونظرا لتلك الإشكالية المنهجية، فقد تعددت تصنيفات ممارسات العنف بحيث تشمل مدى واسعا من التصرفات ابتداء من نظرة غاضبة أو لفظ جارح أو حتى تجاهل مهين و لو بالصمت، إلى جميع أشكال إيذاء الذات متابعة قراءة عن أى عنف نتحدث→
هل ثقافة العنف نتاج لممارسة العنف؟ بمعنى أن العنف يخلق ثقافته؟ يميل البعض إلى هذا الرأى مستدلين بأن تكرار وشيوع ممارسات العنف
المتبادل بين الأفراد أو بين الجماعات يجعل من ذلك العنف ممارسة عادية مقبولة و من ثم يصبح تحبيذ العنف ضمن مكونات البناء القيمى والنسيج الثقافى السائد فى مجتمع معين،مشكلا ما يعرف بثقافة العنف.
ويميل البعض – فى المقابل – إلى النظر إلى ممارسة العنف باعتبارها نتاجا لثقافة العنف، بمعنى أن ممارسة العنف لا تنبع من فراغ بل تعبير عن ثقافة سائدة بالفعل متابعة قراءة العنف بين الممارسة والثقافة→
نردد كثيرا تعبير ضرورة اجتثاث جذور الإرهاب وكيف أن المواجهة الأمنية وحدها لا تكفي؛ وينصرف الذهن عادة إلى تجفيف المنابع الفكرية للإرهاب.
وقد نمضى خطوة أبعد من مجرد التصدى للأفكار وتحديث الخطاب الدينى للحديث عن ضرورة تنمية المجتمع والقضاء على الفقر والعشوائيات وتطوير التعليم ومحو الأمية إلى آخر قائمة طويلة من العلل الاجتماعية التى لا جدال فى ضرورة التصدى لها ولكن السؤال يظل قائما: ترى لو تحقق كل ذلك رغم صعوبته سوف نشهد نهاية للفكر الإرهابي؟ متابعة قراءة وهم القضاء على الجذور الفكرية للإرهاب→
يختلف الفعل الإرهابى من المنظور السلوكى النفسى عن أفعال عديدة قد تماثله فى ظاهر السلوك، بل وقد تفوقه فى فداحة النتائج،
كما فى حالات العنف الوحشى الذى يقدم على ارتكابه الجنود النظاميون خلال الحروب أو غيرها من المواجهات العسكرية، ففى مثل تلك الحالات يقوم الجنود بما يقومون به كجزء من مهام وظيفتهم كمقاتلين محترفين لا يملكون الامتناع عن أداء تلك المهام دون التعرض للعقاب.
تعريفات الإرهاب عديدة تفوق الحصر، تتباين بتباين تخصصات أصحابها، ومواقعهم، بل ونياتهم أيضا؛
ولسنا بصدد الخوض فى عرض أو تفنيد تلك التعريفات. و لنتفق على تعريف محدد للسلوك الإرهابى يأخذ فى اعتباره تعدد التعريفات المطروحة، كما يضع فى اعتباره أيضا هوية الكاتب كمتخصص فى علم النفس السياسي:
«السلوك الإرهابى سلوكٌ اختياري، مخطط؛ يلحق أضرارا بالمدنيين، ويتضمن مخاطرة بحياة من يقوم به، و يكون إطاره التفسيرى من وجهة نظر صاحبه إطارا فكريا أو سياسيا أو عقائديا».
ترى ما الذى يحكم انتشار أفكار بعينها لتتحول إلى حركة إرهابية تمارس العنف محليا أو إقليميا أو عالميا؛
فى حين يقتصر انتشار بعض تلك الأفكار بحيث لا يتجاوز نطاق جماعة بشرية بعينها؟، ولماذا تظل بعض الأفكار داخل حدود فكر صاحبها بحيث تبزغ و تنتهى ربما دون أن ينطق بها؟. ترى هل تظل ملامح الفكرة إذا ما قيض لها الانتشار ثابتة على ما هى عليه منذ نشأتها الأولي، أم أن ما يجرى على البشر من دورات للنمو يجرى على الأفكار كذلك فتنتقل من طور الطفولة إلى الفتوة فالكهولة فالشيخوخة فالذبول فالاندثار؟ متابعة قراءة مسار تحول الأفكار النظرية إلى أفعال إرهابية→
القرار الأخير للدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة بشأن إلغاء «خانة الديانة» من الأوراق الرسمية بالجامعة، لم يلق استحسانًا لدى الكثير من الجماعات المتعصبة ذات الفكر المتطرف، التى تسعى دائماً لترسيخ مبدأ التمييز بين أطياف المجتمع ونسيجه الواحد، بل راح الكثير منهم يوجه سهامه صوب الدكتور «نصار» مهاجمين قراره بعد أن وصفوه بالقرار المنفرد لرئيس الجامعة، الذى اتخذه من أجل عمل «فرقعة إعلامية» لا تصب فى المصلحة العامة، مؤكدين أن تحديد هوية الشخص وديانته سواء كان مسلمًا أو مسيحيًا أو يهوديًا، يجنب من وقوع فتنة طائفية.. لكن الدكتور جابر نصار، فجر مفاجأة رداً على افتراءات جماعات «أهل الشر»، وأصحاب الفكر المتطرف، خلال ندوة «الأهرام» بأن قراره لم يكن منفرداً كما ادعى البعض، بل كان هناك تنسيق من جهات سيادية بالدولة قبل إصدار القرار يتضمن دراسة توابع آثاره يقينا بأنه لا يهدف فى النهاية سوى تحقيق مبدأ المساواة، وعدم التمييز بين طلاب الجامعة، وهذا ما أيده الحاضرون فى الندوة،الذين أكدوا دعمهم قرار الدكتور نصار، ووصفه بالشرارة التى يمكنها أن تغير مفهوم أمة بأكملها فى حالة تعميمه على جميع مؤسسات الدولة، بل تقضى على معتقدات خاطئة لجماعات الفكر المتطرف الداعين للتمييز والعنف، كما أكدوا أيضًا أنه ليس هناك نصً قانونى يتطلب ذكر «خانة الديانة» فى الأوراق الرسمية للجامعات.. متابعة قراءة المشاركون فى ندوة المواطنة بـ«الأهرام»: جامعة القاهرة نموذج يحتذى لمؤسسات الدولة→
يواجه الأزهر فى الفترة الأخيرة موجات متتالية من الانتقادات؛ ومن المفهوم أن توجه تلك الانتقادات ممن ساءهم وقوف فضيلة الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر فى صدارة تلك الصورة التاريخية لمشهد 30 يونيو، و ذلك بصرف النظر عن اختلاف وجهات النظر بشأن مشاركة الرموز الدينية فى العمل السياسي.
غير أن ما يستوقف النظر هو اتجاه تيار من الأصدقاء التقدميين التنويريين الثوريين الليبراليين للسير فى ركاب تلك الموجة من الهجوم؛ رغم أن العديد منهم يعتبرون أنفسهم من أنصار بل وأصحاب مشهدى 25 يناير و30 يونيو.
لا أعرف لماذا يأخذ هؤلاء الأصدقاء على الأزهر إحجامه عن تكفير داعش؟ ألا يعنى ذلك الدعوة لتأكيد سلطة الأزهر فى التكفير؟ وسلطته فى إضفاء غطاء دينى لقتل الكفار؟ متابعة قراءة الأزهر والليبراليون وتكفير داعش→
أستاذ علم النفس السياسي – كلية الآداب – جامعة عين شمس