وداعا سعيد كمال

كلمات الرثاء التقليدية مهما كان صدقها لا تكفى لوداع مناضل فلسطينى فريد فى قامة الصديق سعيد كمال؛ وبدا لى أن خير الرثاء هو استعادة بعض كلماته التى عبرت عن أفكاره الأساسية التى ستبقى بعد لحاق صاحبها بمن سبقه من شهداء فلسطين.

لقد شرفت فى 19 يناير 2008 بإدارة ندوة أقامتها مكتبة الإسكندرية استضافت فيها الصديق سعيد كمال؛ ولم أجد فى تقديمى له أفضل من أن أذكر أن الرئيس ياسر عرفات كان يقول إنه فلسطينى الانتماء مصرى الهوي، وأننا كثيرا ما رددنا بدورنا أننا لسنا أصدقاء لفلسطين فحسب‘ بل إننا مصريو الانتماء فلسطينيو الهوي؛ واختتمت تقديمى بأن قلت «ولعل الصديق سعيد كمال يجسد قيمة أن يكون الإنسان فلسطينى الانتماء مصرى الهوى عربى التوجه» وقد كان الصديق الراحل تجسيدا حيا لتلك العبارة.

كان يمارس عمليا ذلك الخيار الذى كلفه كثيرا وظل صامدا صلبا مبتسما فى مواجهة تلك التكلفة خاصة فيما يتعلق بإيمانه الراسخ بصلابة الدور المصرى فى مساندة القضية الفلسطينية وأيضا فيما يتعلق بانحيازه للسلام؛ والذى عبر عنه بوضوح بقوله «إن الإستراتيجية العليا التى آمنت وأؤمن بها حتى اليوم هى إستراتيجية السلام القوى وليس السلام المستضعف، السلام القائم على العدل فى الحقوق وكيفية صياغته،حقوق الشعوب فى الحرية والاستقلال»؛ ومضى قائلا «إننى متأكد أن أخطر شيء على إسرائيل هو السلام الحقيقي، وأبقى شيء لإسرائيل وإكسير الحياة بالنسبة لها هو حالة اللا سلم – اللا حرب، هذا ما تقوله دراسات الخارجية المصرية وغيرها من الدراسات والمقالات التى كتب إحداها الدكتور قدرى حفني». من هنا كان سعيد كمال يردد دون ملل أو كلل أنه يتبنى إستراتيجية السلام مميزا بحسم بينها وبين اختيار الاستسلام.

لم يكن يغيب عن سعيد كمال أنه بذلك يسبح ضد تيار فكرى وعملى جارف يتبنى ثقافة الحرب المسلحة وحدها دون بدائل، ويضع الأعداء جميعا فى سلة واحدة دون تمييز. لقد استوعب سعيد كمال فى قترة مبكرة حقيقة أن اليهود وكذلك الإسرائيليون ليسوا نسيجا واحدا كما تروج الدعاية الصهيونية المتطرفة. ومن هنا أقدم سعيد كمال بدعم من الرئيس عرفات على المشاركة فى جهد علمى عملى يحاول الاقتراب من اليهود الأمريكيين.

كم سنفتقدك أبو زياد، ونفتقد تفاؤلك الثوري، وصوتك الجهوري، وضحكتك المجلجلة. إن ألم أصدقائك المصريين لفراقك لا يقل عن ألم أسرتك ورفاقك الفلسطينيين.. رحمك الله رحمة واسعة.

 

المصدر: http://www.ahram.org.eg/NewsQ/585415.aspx

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *