الشعب والدولة فى خندق واحد ضد الإرهاب ضرورة دعم المؤسسة الدينية.. ومواجهة فكرية مع الإرهابيين

كتب ــ محمد القزاز

لا نبالغ إذا قلنا إن المواجهة الأمنية للإرهاب لم تعد تكفى وحدها للقضاء عليه، إذ ينبغى أن تكون المحاور على عدة أصعدة، من بينها المواجهة الفكرية، ومراجعة هؤلاء الإرهابيين، وإقناعهم بالتخلى عن أفكار القتل والتدمير والتخريب التى ينتهجونها، فضلا عن تلاحم الشعب ووقوفه صفا واحدا فى وجه الإرهاب، جنبا إلى جنب مع أجهزة الدولة المختلفة.

هنا يقول منير أديب المتخصص فى شئون الجماعات الإسلامية، إن ما حدث يفرض تحديًا بضرورة مشاركة المجتمع بكل فئاته وطوائفه لخوض معركة المواجهة مع تنظيمات العنف والتطرف والتمرد، فلا يمكن لأجهزة الأمن أن تعمل بمفردها دون مشاركة المجتمع المدنى وكل طوائف المجتمع حتى تظهر نتائج ملموسة تصب فى فكرة غياب وجه الإرهاب القبيح، ولابد للمجتمع أن يكون له دور فى مواجهة هؤلاء الأشخاص الذين ينتمون إلى هذا الفكر، وفى الوقوف حائلا أمام انضمام أفراد منه إلى هذه التنظيمات، وفى توعية من وقع فى براثن هذا التطرف الفكرى وقبل أن يقوم بعمليات إرهابية من خلال المراجعة، أو حتى يقع تحت طائلة قانون الجرائم الجنائية، والمجتمع له دور أيضا فى حال أثرت فى شخص وأقنعته أن ما قام به يصب فى التطرف الديني، وبالتالى إعطاؤه فرصة لمراجعة أفكاره مرة ثانية، فلا يمكن لدولة أن تواجه الإرهاب بأجهزتها الأمنية والعسكرية، بل إن ذلك لابد أن يترافق معه مواجهة مجتمعية شعبية تسند الأدوار الأمنية والعسكرية، وهذا المجتمع ممثل فى أشخاص عاديين ومنظمات المجتمع المدنى الحقيقية عبر عشرات الجمعيات المعنية بالفعل بتنمية وتثقيف المجتمع ، بالوقوف حائلا دون انضمام أشخاص محتملين أو معرضين للانضمام لهذه الجماعات الإرهابية، وهؤلاء الأشخاص المحتملون أو المعرضون للانضمام موجودون فى المجتمع بغزارة، لا تستطيع الدولة أن تصل إليهم، والمهيأ للوصول لهم هو المجتمع عبر أفراده وجماعاته، ومؤسساته التعليمية والثقافية، وعندما يقيم المجتمع المدنى بمؤسساته المختلفة حوارا سيكون مقبولا ومطلوبا من قبل المجتمع، بخلاف أن يكون هذا الحوار من قبل وزارة معينة أو من قبل مؤسسة تابعة للدولة، حيث لن تكون المصداقية بالقدر الكافي، وقد يرفض هذا الحوار الأشخاص المستهدفون، وذلك من خلال توعية حقيقية، عبر تغيير مناهج التفكير التى انجرفت إلى الإرهاب، حيث لم تستطع السلطة وحدها فى المنطقة العربية، الوقوف أمام الشلال الهادر من الأفكار المغذية للإرهاب، ولنعد إلى فترة التسعينيات، حيث كان هناك دور للمجتمع المدني، حيث وقف بكل مؤسساته وجمعياته خلف الدولة فى محاربتها للإرهاب، مشيرا إلى إنه بالرغم من أن المعركة الآن مختلفة، إلا أنه يتحتم على المجتمع أن يقف بشكل أكثر قوة خلف الدولة وأن تكون له وسائل متعددة يقدمها للدولة لمساعدتها فى القضاء على الإرهاب.

أما المواجهة الفكرية فيطالب أديب بضرورة الإسراع بها حتى تقف حائلًا بين تأثير هؤلاء المتطرفين فى قطاعات الشباب وفى مقدمتها المواجهة الفكرية والثقافية والتعليمية ومن خلال خطاب دينى معتدل أيضًا، ونحن لدينا مشكلة، فالإرهاب مازال موجودا، لأننا لم نقطع أشواطا حقيقية فيما يتعلق بالمواجهة الفكرية فقط، فمن يواجه الإرهابيين هو الجهاز الأمنى فقط، وما زالت المؤسسة الدينية والثقافية غائبة تماما، فكثير من العاملين فى حقل المؤسسة الدينية يرون أن التجديد ضد الفكرة الإسلامية، وما زالوا يتشبثون ببعض الأفكار الموجودة فى التراث الإسلامي، وهو ما يرسخ فكرة العنف، ومطلوب من الدولة تقديم الدعم المادى والمعنوى لهذه المؤسسة حتى تخرج من أزمتها الحقيقية فتستطيع مواجهة التنظيمات الإرهابية.

ويضيف أديب أننا فى حاجة أيضا إلى المواجهة الثقافية من خلال تجديد الخطاب الثقافى وتنقيته من العنف الذى قد يؤدى إلى عنف جنائى ، فلابد من وجود خطاب ثقافى يهذب السلوك والمشاعر، ويواجه الإرهاب، من خلال الثقافة التى تقدس الجمال والحياة التى يحاربها هؤلاء المتطرفون.

ويرى الدكتور قدرى حفني، أستاذ علم النفس السياسى بجامعة عين شمس، أنه لابد أولا أن نفصل بين النخبة والجمهور، فالنخبة فى واد والجمهور فى واد آخر، والأخير يواجه الإرهاب يوميا، ونحن نتهم الجمهور بالتعصب وهو غير ذلك تماما، فهو ليس مشغولا بالقضايا التى تشغل النخبة، أما المواجهة الفكرية فينبغى ألا تقوم على ما فى كتب التراث من تخلف، فلم تعد لدينا رفاهية منع كتاب، إذ المنع يحرض على قراءته، كما حدث سابقا مع كتاب « آيات شيطانية» لسلمان رشدى الذى صدر بحقه حكم بالإعدام من إيران، فاكتشفنا أنه كتاب « تافه» كمؤلفه، وبالمثل كتاب « وليمة لأعشاب البحر» إلخ .

المصدر: http://www.ahram.org.eg/NewsQ/624875.aspx

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *